أخبار العراق

استفزاز كويتي مستمر للعراقيين وسط صمت حكومي غريب

تستمر الحكومة العراقية في موقفها الصامت إزاء الاستفزازات الكويتية، والتي كان آخرها البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي الذي دعا إلى ضرورة احترام سيادة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بالتعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية، بالإضافة إلى كافة قرارات الأمم المتحدة، وذلك بالإضافة إلى انتقاد قرارات المحكمة الاتحادية العراقية بشأن إلغاء التصديق على اتفاقية خور عبدالله.

دأبت الكويت في الأشهر الماضية على إطلاق تصريحات كانت تريد من خلالها جس نبض الحكومة العراقية والفعاليات السياسية والجماهيرية، وعندما وجدت أن تصريحاتها لم تلقَ ردًا أو اعتراضًا، بدأت بتصعيد لهجتها وخطابها متجاوزةً قرار أعلى سلطة في العراق وهي المحكمة الاتحادية العراقية العليا.

وعلاوة على عدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية، تواصل الحكومة العراقية صمتها الكامل في موقف لا يُبرر على الإطلاق، ويبدو أن الأمر لا يقتصر على الحكومة فحسب، بل يبدو أن هذا الصمت مدفوع بقرار من الكتل السياسية الراعية للعملية السياسية في العراق، والتي ترفض بدورها تعكير صفو العلاقات مع الكويت، التي تستمر في ممارساتها المزعجة والاستفزازية لمشاعر الشعب العراقي.

وفي هذا الشأن، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، عامر الفايز، أن بيان مجلس التعاون الخليجي حول ترسيم الحدود يحتوي على مغالطات تاريخية، مشيرًا إلى أنه “قدم سردًا تاريخيًا لموضوعات قديمة لا تُسهم في تقدم الأوضاع الراهنة”.

وأضاف الفايز في تصريح لاحدى وسائل الاعلام و تابعته ( الذكرى نيوز ) أن “السياسة الخارجية للعراق ليست ضعيفة، بل تتسم بالعقلانية والتروي في إعطاء الأمور حجمها الحقيقي”، موضحًا أن “الرد على كل بيان قد يؤثر سلبًا على الأوضاع العامة في البلاد، خصوصًا مع الاستقرار النسبي الذي تشهده الساحة السياسية والأمنية والاقتصادية”.

وتابع قائلًا إن “بيان مجلس التعاون الخليجي لن يُغير من قرارات المحكمة الاتحادية أو يدفع العراق للتنازل عن حقوقه، لأنه يتحدث عن حقائق تاريخية مضت عليها سنوات طويلة، وقد تبعتها اتفاقيات ومعاهدات، ولذلك فإن الرد عليه ليس في مصلحة الحكومة”.

وأشار الفايز إلى أن “توتر العلاقات بين العراق ومجلس التعاون الخليجي في هذه الفترة ليس بالأمر الصائب، ولا يوجد ما يدفع العراق نحو التصعيد”، مؤكدًا أن “السياسة الخارجية للعراق تعتمد العقلانية، ونحن كلجنة علاقات خارجية نؤيد عدم الرد على بيان مجلس التعاون”.

وأوضح أن “العراق يسعى لترميم علاقاته مع دول الجوار والإقليم، ويرغب في استعادة دوره الريادي في المنطقة، وهذه مهمة تترتب عليها العديد من الأمور”، مضيفًا أن “بيان المجلس لا يستحق الرد ولا يستحق الانخراط في جدل إعلامي، والصمت على مثل هذه المواقف هو أفضل الحلول”.

ودعا الفايز “دول الخليج إلى الابتعاد عن الخطابات الإعلامية المتوترة وتقديم الأدلة بعيدًا عن السرد التاريخي، والتوجه نحو لغة التفاهم والحوار للتوصل إلى اتفاقيات بهدوء”.

تركنا السياسيين وتوجهنا إلى الشارع لاستطلاع آراء المواطنين حول الموضوع، حيث التقت شبكة مراسلي لإحدى وسائل الاعلام و تابعته ( الذكرى نيوز ) بعدد منهم، أولهم كان الأستاذ الجامعي محسن كريم، الذي أفاد بأن “عدم الرد على الاستفزازات الكويتية لا يُفسر إلا بوجود ارتباطات للنخب السياسية بمصالح مع دولة الكويت”، متسائلاً “عن أسباب عدم تطبيق قرار المحكمة الاتحادية الخاص بإلغاء تصديق مجلس النواب على اتفاقية خور عبدالله”.

المواطن كاظم الغانمي أشار إلى أن “العراق قد دفع تعويضات عن غزو النظام السابق للكويت، على الرغم من أن الأخيرة كانت من أبرز الداعمين للنظام في حربه ضد إيران، وكانت أموالها أحد الأسباب وراء إدامة الحرب”، مشيرًا إلى أن “الكويت تحاول باستمرار استفزاز العراقيين على الرغم من فتح العراق لصفحة جديدة، إلا أن السياسيين في الكويت يحاولون دائمًا التحشيد ضد العراق”.

وقد مرت تسعة أشهر وستة أيام على قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق الذي أقر بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين العراق والكويت حول تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله.

ويُلاحظ وجود تجاهل ملحوظ من قبل الحكومة العراقية لتنفيذ هذا القرار، والذي لا يُعد خرقًا للقانون والدستور العراقي فحسب، بل يُمثل أيضًا تحديًا لمبدأ سيادة القانون، الذي يُعتبر أساسًا للحكم الرشيد والعدالة.

ويُعتبر خور عبدالله ممرًا ملاحيًا حيويًا يربط موانئ البصرة بالخليج العربي، وتريد الكويت فرض سطوتها على هذا الممر بهدف خنق العراق مائيًا وسط صمت غريب سياسيًا وتجاهل للقانون والدستور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى